الناس من قول وعمل في الدين وشعائره مما لم يؤثر عنه - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (1).
وتطلق السنة أحيانا عند المحدثين وعلماء أصول الفقه على ما عمل به الصحابة، وجد ذلك في الكتاب أو السنة أو لم يوجد. ويحتج لذلك بقوله - عليه الصلاة والسلام -: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ» (2).
ومن أبرز ما ثبت في السنة بهذا المعنى «سنة الصحابة» حد الخمر، فقد كان تعزير الشارب في عهده - صلى الله عليه وسلم - غير محدود، تارة يضربونه نحو أربعين جلدة، وتارة يبلغون ثمانين، وكذا في عهد أبي بكر، فلما كان آخر إمرة عمر - رضي الله عنه -، ورأى الناس في سعة العيش، وكاد الشرب يشيع بينهم - استشار الصحابة في حد زاجر، فقال علي: نرى أن تجلده ثمانين، لأنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفتري جلد ثمانين جلدة، وقال عبد الرحمن بن عوف: أرى أن تجعلها كأخف الحدود يعني ثمانين، وأجمع الصحابة على هذا، فتحديد الثمانين هو السنة التي عمل عليها الصحابة باجتهاد منهم، حسبما اقتضاه النظر المصلحي.
ومن هذا تضمين الصناع، وجمع المصاحف في عهد أبي بكر برأي الفاروق، وحمل الناس على القراءة بحرف واحد من الحروف السبعة، وتدوين الدواوين .. وما أشبه ذلك مما اقتضاه النظر المصلحي الذي أقره الصحابة - رضي الله عنهم - وأجمعوا عليه (3).
صفحة ١٩