البلاغة العربية
الناشر
دار القلم،دمشق،الدار الشامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
طويل فلا يُحدث فينا أيّ انفعال من لذّة أو ألم، إنّها أفكار فاترة، وربّ فكرة تمرّ فتثير إعجابًا وانفعالًا عظيمًا نحوها، وقد تمرُّ فكرة فتتقزّز النفس منها وتصرفها بسرعة وتتجاوزها.
وفي ساحة التخيّل تمرُّ أخيلة جميلة حلوة لذيذة، وتَمرُّ أخيلة قبيحة كريهة، وتمرُّ أخيلة في شريط طويل، فلا تُحدث أيّ انفعال.
وفي ساحة التعبير البياني عن الأفكار والمطالب والتخيّلات والمشاعر النفسيّة والوجدانيّة تُوجَد تعبيرات بديعة جميلة جذّابة، تتملّك المشاعر، وتؤثِّر في القلوب، وتتفاوت فيما بينها بما تحظَى به من نِسَب الجمال تفاوتًا كبيرًا. وتوجد تعبيرات قبيحةٌ منفِّرة، وهذه تتفاوت فيما بينها بما فيها من نِسَب القبح تفاوتًا كبيرًا، وتُوجَد تعبيرات فاترة تمرُّ دون أنْ تُحدث في النفوس أيّ انفعال محبوب أو مكروه.
***
(٢) مجالات الجمال
من المعلوم لدى ذواقي الجمال أنّ الزينة من الجمال، وأنَّ كثيرًا من المقاصد والمطالب إذا قُدِّمت إلينا مغلّفة بزيناتها أو مقرونة بزيناتِها كنّا أكثر قبولًا لها، وانسجامًا معها، لأنَّ جمال الزينة قد جذبنا إليها، وأقنع عواطفنا وانفعالاتنا بقبولها، ولنحظَى بلذّة الاستمتاع بالجمال، فتتحقّق من وراء ذلك المقاصد الأساسيّة والمطالب.
وهذه الحقيقة تشمل الأفكار، فإذا قُدّمت بعض الأفكار المقصودة وما اشتملت عليه من مطالبِ اعتقادٍ أو عمل ممتزجةً أو مقرونة بزينات جميلة فكرية أو لفظية كانت النفوس أكثر انجذابًا إليها، وقبولًا لها، ثمّ تمسكًا بها أو عملًا بما طلب فيها.
1 / 22